الكثير من الأخوات الفاضلات تحافظ على صلواتها الخمس بحمد الله، وربما تصلي النوافل والرواتب، وعندها ورد في قراءة القرآن بتدبر وخشوع، ولسانها كثير الذكر لله جل وعلا، وأحياناً تصوم الأيام المستحبة تطوعاً لله جل وعلا، وتحب الاستماع للدروس الدينية ومجالس الوعظ والذكر
وتتميز الكثيرات منهن بالتربية الصالحة والأخلاق الفاضلة، فلا يجرؤ أي سفيه أن يتحرش بها أو يستدرجها، فإن حاول فلن يجد منها إلا التوبيخ والقسوة في النصيحة، لأنها خرجت من بيت صالح متحشم، وكل ما ذكرته في نسائنا نفخر به ونفرح لكن ينقص بعض أولئك الفاضلات شيء واحد، وهو شيء مهم جداً، فتجدها تفعل كل ما ذكرنا لكنها مع هذا إلى الآن لم تلتزم (الحجاب) الشرعي!!
صحيح أن هناك من النساء السيئات اللواتي يتسترن بالحجاب وهن أبعد ما يكن عن الحشمة والحياء والعفة والفضيلة، وربما استغلت غطاء وجهها المشروع لتبحث عن المحرم والممنوع، لكن هذا ليس عذراً لترك الحجاب فالله جل وعلا هو الذي أمر به وهو الذي شرعه جل وعلا، فكم من المصلين -مثلاً- من يظلم ويسيء للناس ويخون زوجته ويأكل حقوق الناس!! فهل هذا يعطي العذر لمن يترك الصلاة في تركه لها؟!! بالطبع لا يقول هذا عاقل!!.
أعرف أن الكثيرات من غير المحجبات عندهن أعمال صالحة، وما خفي منها أعظم، ومنهن من بنت المساجد وأطعمت المساكين، وتصدقت بما تحب من أموالها لله جل وعلا، وكم منهن ممن تسافر لأداء العمرة والحج، وربما بكت من خشية الله كثيراً، ولا شك في حب أولئك لله جل وعلا، ولكن، أرجو أن يقرأن معي بتمعن قول الله جل وعلا:
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} [سورة الأحزاب: 59]
ولترجع كل فاضلة إلى تفسير هذه الآية ولتعلم أن حبيبها الأعظم وهو خالقها جل وعلا لا يحب خروجها من بيتها إلا كما أمرها، بحجابها وسترها الذي أراده لها، ولتقل من قلبها
{سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [سورة البقرة: 285].
عتبي الشديد على بعض الأمهات اللواتي لم يشجعن بناتهن على لبس الحجاب من الصغر، فالبنت التي بلغت العاشرة من العمر لابد من تعويدها على الحجاب، ومن بلغت المحيض لا يجوز لها الخروج إلا بالحجاب، وكلما تحجبت الفتاة وهي صغيرة كلما سهل الأمر عليها وأحبته، والعتب الأكبر على أمهات منعن بناتهن من لبس الحجاب!!
وبعضهن تبكي وتتوسل لأمها تريد تطبيق أمر ربها تعالى وأمر نبيها وحبيبها صلى الله عليه وآله وسلم، ومع هذا أمها تمنعها بحجة سخيفة وللأسف وكأنها اعلم من الله فيما يصلح بنتها ويحسن مآلها!! و«لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» [رواه الألباني].
ربما تكون بعض الأخوات لازلن مترددات في لبس الحجاب من عدمه، لكن القرار بالحجاب أرجو أن يكون سريعاً، فكم من فتاة ترددت حتى أتاها ملك الموت وضاعت الفرصة وستندم يوم القيامة إذا لقيت ربما وناقشها الحساب وهي بلا حجاب!! فما عذرها عند الله يوم القيامة؟!
أختي الفاضلة.. أعلم مدى طيبة قلبك وحبك لربك ولنبيك، ولكن.. أما آن لك أن تتخذي القرار بالحجاب، لا عليك من كلام الناس، ولا نظراتهم الساخرة، ففي سبيل الله يهون كل شيء، فكري فقط في رضا الرب عز وجل، أما رضا الناس فهي غاية لا تدرك، واعلمي أنك باتخاذ هذا القرار والآن وليس غداً فإنك ستتقربين إلى الله وتتعرضين لرحمته، وقوليها من كل قلبك...
(يا رب... يا الله... يا رحمن... تحجبت من الآن... من أجلك... ومن أجلك فقط).